للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشتباه، فلو استعار أحد دينارًا ليزن به دنانيره اعتبر ذلك عارية حقيقية، فليس للمستعير استهلاكه، والانتفاع به بصورة غير الصورة المعينة (١).

[الدليل الثالث]

أننا إذا قلنا: إن الوديعة المصرفية هي قرض في ذمة المصرف، فإن ذلك سيمنع من استخدام الوديعة أداة لوفاء الديون؛ لأنه سيؤدي إلى بيع الدين بالدين.

فلو أن رجلًا اشترى بضاعة مؤجلة، وأحال على ذلك بما له من مال لدى بنك من البنوك، فإذا اعتبرنا الوديعة قرضًا فإن هذا العقد لن يكون صحيحًا إلا إذا استلم البضاعة مباشرة؛ لأن الصفقة ستكون من باب بيع الدين بالدين. وهذا لا يرد مع اعتبار الحساب وديعة حقيقية (٢).

[ويناقش]

القول بأننا إذا كيفنا الوديعة بأنها قرض فسوف يمنع ذلك من استعمال الوديعة كأداة لوفاء الديون.

هذا الإشكال لا يحله تكييف الوديعة بأنها وديعة؛ لأنه إذا أُذِن للبنك بالتصرف في الوديعة فسوف تنتقل الوديعة من أمانة المصرف إلى ذمته، وتتحول الوديعة إلى دين من الديون، فيبقى الإشكال عندكم قائمًا.

فالصحيح أن المبيع المعين المؤجل لا يدخل في باب بيع الدين بالدين؛ لأن الدين هو ما تعلق بالذمة، والمعين المؤجل لم يتعلق بالذمة، ولذلك بيع الغائب المعين الموصوف لا يسمى سلمًا؛ لأنه معين، وليس من باب بيع الديون هذا


(١) انظر درر الحكام شرح مجلة الأحكام (٢/ ٣٤٣).
(٢) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع (١/ ٧٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>