التخريج باعتبار الخصم على أنه تنازل على سبيل الإبراء والإسقاط (ضع وتعجل).
وهو تخريج ذكره الهمشري، ومال إليه، وذكر أنه يتفق مع الروح الإسلامية، وفي هذا يقول:
«يعتمد هذا التخريج على جواز أخذ أقل من قيمة ما يستحق بعقد المداينة، ويكون الفرق متنازلاً عنه على سبيل الإبراء، والإسقاط».
ثم يؤيد هذا التخريج بقوله: «وفي كتب الفقه أمثلة على ذلك، منها الصلح على ما استحق بعقد المداينة، مثل بيع النسيئة، ومثل الإقراض، أخذ لبعض حقه، وإسقاط الباقي، وصورته: رجل له على آخر ألف درهم، فصالحه عنها على خمسمائة جاز، ويجعل مستوفياً لنصف حقه، ومبرئاً له عن النصف الآخر، لا معاوضة؛ لأنه يكون ربا، وتصحيح تصرف المسلم واجب ما أمكن، وقد أمكن بما ذكرنا.
فالتنازل على سبيل المعاوضة حرام، وعلى سبيل الهبة والإبراء صحيح، ومباح، فلم لا نجوز عملية الخصم بناء على هذا التصوير؟ ونكون بذلك صححنا تصرفاً شائعاً، بدلاً من تحريمه، ما دام في فقهنا فسحة، ويكون العميل عندما يقدم الكمبيالة للخصم قد رضي بأخذ أقل من القيمة الأصلية المدونة فيها، وتنازل عن الباقي على سبيل الإبراء والإسقاط، لا المعاوضة، ومظاهر الإبراء ظاهرة، فالعميل هو الذي يذهب إلى البنك باختياره، ويطالب بنفسه، وبهذا تكون عملية الخصم لا ربا فيها، قال: وأميل إلى هذا التخريج إذا عدلت صيغ بنود (الأجيو) وعندئذ لا أجد في نفسي حرجاً في قبوله» (١).