فما دام أن الدليل قائم على تحريم يسير الربا لا يمكن للمجتهد أن يستدل بقاعدة عموم البلوى؛ لأن ذلك يؤدي إلى تعطيل النص.
[الوجه الثاني]
ذكرنا فيما سبق أن المراد بعموم البلوى: الحالة أو الحادثة التي تشمل كثيراً من النّاس، ويتعذّر الاحتراز عنها.
فلا بد من هذين القيدين: أن يكون الحرج في نازلة عامة في الناس.
وألا يكون للإنسان قدرة على الانفكاك عن ذلك إلا بمشقة ظاهرة.
فإذا سلمنا أن المساهمة في تلك الشركات قد شاع وانتشر فهذا الشيوع والانتشار وحده لا يكفي أن يكون سبباً للتخفيف حتى يتعذر الاحتراز من ذلك، بحيث تكون المساهمات في تلك الشركات ملابسة للناس ومخالطة لهم على وجه يشق معه التحرز منها، والانفكاك عنها، كما يشق على الناس الاحتراز من مخالطة الهرة وملامستها لأواني الناس وملابسهم، ولا يستطيع أحد أن يدعي بأن المكلف اليوم لا يستطيع أن يتحرز من المساهمة في تلك الشركات المختلطة، فكثير من الناس لا يساهم في الشركات مطلقاً فلم تصح دعوى عموم البلوى.
[الدليل الثامن]
أن القول بتحريم المساهمة في الشركات المختلطة سيؤدي إلى ضرر كبير في المؤسسات المالية الإسلامية، وذلك لأن الشركات النقية قليلة جداً مما يؤدي إلى كون الفرص الاستثمارية أمام هذه المؤسسات محدودة جداً، وسينتج عنه وجود فائض كبير من الأموال بدون استثمار لدى المؤسسات المالية مما يلحق بها ضرراً كبيراً لتحملها التكلفة الناشئة عنها.