للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: إن كان يمكنه أن يتبعه فلم يتبعه بطل خيارهما، وإن لم يتمكن بطل خيار الهارب دون الآخر. وهذا قول في مذهب الشافعية (١).

وقدم النووي القول الأول عليه، وعلل ذلك: بأنه إذا كان لا يمكنه أن يتبعه كان بإمكانه أن يفسخ العقد بالقول.

[ويتعقب هذا من ثلاثة وجوه]

الأول: بأن السكوت عن الفسخ لا يقطع الخيار، كما في المجلس.

الثاني: أن مذهب الشافعية بأن المكره على مفارقة المجلس باق على خياره، ولو كان يمكنه الفسخ بالقول، فهذا مثله.

الثالث: أن يقال: إن في هروب أحد العاقدين حيلة على إسقاط حق الآخر في التروي، وتقليب النظر حتى يتبين له الأحظ، فإن إلجاء العاقد الآخر إلى القبول دون ترو، أو إقدامه على فسخ العقد دون أن يتبين ما هو الأحظ له، في ذلك تعد على حقه الذي أعطاه الشارع، ولذلك قلت: إن هذه المسألة هي قريبة من المسألة السابقة، وهو إذا فارقه خشية أن يستقيله، إن لم تكن هي عينها، ومع ذلك اختلفت الأقوال في المسألتين بين المذاهب، والله أعلم.

[الراجح]

ما رجحته في مسألة (إذا فارقه خشية أن يستقيله) أرجحه هنا، لأن المسألتين واحدة، والله أعلم.

* * *


(١) المجموع (٩/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>