للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثامن

في بيع السم

[م -١٣٣] السم إذا كان لا ينتفع به لم يجز بيعه، حتى ولو لم يضر قليله، ما دام أن قليله لا ينفع فلا يجوز بذل المال فيه. لأن من شروط البيع اشتمال المبيع على منفعة مباحة، وسبق أن ذكرنا الأدلة الشرعية على تحريم بيع ما لا نفع فيه في مسألة مستقلة.

وإن خالط السم نجاسة، وكان يمكن الانتفاع به في غير الأكل كان الخلاف فيه راجعًا إلى اشتراط الطهارة في المبيع، وهي مسألة خلافية بين الحنفية والجمهور.

وسبق أن حررت الخلاف فيها، وذكرت أن الراجح جواز بيع النجس إذا كان مشتملًا على منفعة، ولم يرد نص في النهي عن بيعه بذاته، ولم يكن المقصود منه الأكل.

وإن كان السم يقتل كثيره، وينفع قليله كدواء ونحوه، وكانت عينه طاهرة، فقد اختلف العلماء في حكم بيعه على ثلاثة أقوال:

[القول الأول]

يجوز بيعه، سواء كان السم من الحشائش أو من الحيات، وهو جار على قواعد مذهب الحنفية في جواز بيع كل عين جرى تمولها والانتفاع بها (١)،


(١) لم أقف على كلام للحنفية في بيع السم، لكن جاء في حاشية ابن عابدين ما يمكن أن يستنبط منه ما يدل على جواز بيع السم إذا كان ينتفع به، قال ابن عابدين (٥/ ٦٨): «يجوز بيع الحيات إذا كان ينتفع به للأدوية .. ». وانظر البحر الرائق (٦/ ١٨٧)، وقد أجاز الحنفية بيع السرجين النجس، فالمدار عندهم يدور على أن كل عين جرى تمولها بين الناس، والانتفاع بها جاز بيعها، طاهرة كانت أم نجسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>