لو كانت الحوالة استيفاء لوجبت على المحال بدون رضاه، ولما توقفت على الإيجاب والقبول، وهذا كالمطروح عند جماهير العلماء.
[ورد هذا]
بأن القائلين بأنها استيفاء كالحنابلة لا يرون رضا المحال شرطًا في الحوالة إذا كان على مليء، فالحوالة لا تفتقر إلى قبول من المحال عندهم، والله أعلم.
[القول الراجح]
ثمرة الخلاف بين القول بأنها بيع أو أنها عقد إرفاق أو استيفاء:
على القول بأنها بيع يدخل فيها خيار المجلس ويصح اشتراط الرهن والضمان فيها، ولا تصح الحوالة إلا إذا كان المحال عليه مدينًا للمحيل.
وعلى القول بأنها عقد إرفاق أو استيفاء لا يدخلها شيء من ذلك (١).
والذي أميل إليه أن عقد الحوالة ليست من عقود البيع؛ لأن لفظ الحوالة يشعر بالتحول، ولا يشعر بالبيع، ولا يقصد منه الربح والتكسب، بل يقصد منها التيسير على المدين بنقله من ذمته إلى ذمة أخرى، وعمدة القائلين بأنها بيع بأن فيها مبادلة مال بمال يقصد منه التملك، وهذا لا يكفي فالقرض فيه مبادلة مال بمال ويقصد فيه التملك، وليس بيعًا، ولا يجوز فيه التكسب بالإجماع، فالحوالة تشبه البيع، وليست بيعًا، وتشبه الوكالة، وليست وكالة، وتشبه الكفالة (الضمان) وليست ضمانًا، فأرى أنها عقد مستقل بنفسه له أحكام متنوعة، يختلف عما سواه من العقود، وأقرب الأقوال أنها عقد إرفاق وإحسان، والله أعلم.