للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعانة المقترض، وإنما هو حفظ مال المقرض، وكان عقد القرض خاليًا من أي نص يدل على أن المقرض أراد نفع المقترض، وتصرف البنك بمال القرض جاء بعد أن ملكه بسبب مباح، ولم يتعين قيام الربا بعين مال القرض فإن المعاملة جائزة.

ولذلك رأى الحنفية أن من اشترى جارية، وكشف عن غرضه منها، وهو كونها مغنية فإن هذا الباعث غير مشروع، وبالتالي يكون العقد فاسدًا، فإن كان ذكر الغناء ليس لبيان الغرض من العقد، وإنما هو لبيان العيب، فأراد البائع أن يبرأ من العيب، فاشترط البراءة على المشتري فإن العقد صحيح؛ لأن العقد لم يكن الباعث عليه كونها مغنية، فدل على أن الباعث على العقد له أثر في صحته وفساده، والله أعلم (١).

[دليل القائلين بجواز الإيداع باعتبار أن الوديعة أمانة]

سبق أن ذكرنا خلاف العلماء في تكييف الودائع الجارية، وبينا ضعف القول بأن الوديعة الجارية وديعة حقيقية، وقام الدليل على اعتبار أنها قرض، لذلك أرى أن جميع هذه الأدلة لهذا القول قد سيقت في غير محلها، وإنما أذكرها من باب الأمانة في النقل، واستكمال أدلة البحث.

[الدليل الأول]

قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا} [آل عمران:٧٥].

[وجه الاستدلال]

إذا جاز إيداع أهل الكتاب مع أنهم أكالون للسحت بنص القرآن فيجوز


(١) بدائع الصنائع (٥/ ١٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>