للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلم، وهذا غير كاف؛ لكون السلم ليس بيعًا، كما أن الصرف سمي بيعًا، ويشترط له من الشروط ما لا يشترط في البيع المطلق.

ولأن البيع، والسلم يتفقان على أن حقيقتهما مبادلة مال بمال، على سبيل التملك. وهذه حقيقة البيع الاصطلاحية.

[استدلال ابن تيمية وابن القيم]

يرى ابن تيمية، وابن القيم أن السلم جار على وفق القياس، بل قالا: من رأى شيئًا من الشريعة مخالفًا للقياس، فإنما هو مخالف للقياس الذي انعقد في نفسه، وليس مخالفًا للقياس الصحيح الثابت في نفس الأمر. نعم في الشريعة ما يخالف القياس الفاسد، وإن كان من الناس من لا يعلم فساده، فالسلم جار على وفق القياس، وذلك أن السلم المؤجل دين من الديون، فكما أن الثمن قد يؤجل في الذمة، وهو أحد العوضين، فكذلك المثمن قد يؤجل في ذمة البائع، فأي فرق بين كون أحد العوضين يصح أن يكون مؤجلًا في الذمة، ولا يصح أن يكون العوض الآخر مؤجلًا في الذمة.

فالسلم بيع مضمون في الذمة، موصوف، مقدور على تسليمه غالبًا، فهو كالمعاوضة على المنافع في الإجارة، فقياس السلم على بيع العين المعدومة، لا يدرى أيقدر على تحصيلها، أم لا؟ والمشتري منها على غرر من أفسد القياس، وقد فطر الله العقلاء على الفرق بين بيع الإنسان ما لا يملكه، ولا هو مقدور له، وبين السلم إليه في مغل مضمون في ذمته، مقدور في العادة على تسليمه، فالجمع بينهما كالجمع بين الميتة والمذكى (١).


(١) انظر مجموع الفتاوى (٢٠/ ٥٢٩)، زاد المعاد (٥/ ٨١١)، إعلام الموقعين (١/ ٣٥٠) و (٢/ ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>