للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر: «لا يختلفون في جواز قليل الغرر؛ لأنه لا يسلم منه بيع، ولا يمكن الإحاطة بكل المبيع، لا بنظر، ولا بصفة .. » (١).

ويحاول الباجي وضع ضابط في التفريق بين اليسير والكثير، بأن اليسير: هو ما لا يكاد يخلو منه عقد، والغرر الكثير: ما كان غالبًا في العقد حتى صار العقد يوصف به (٢).

[الشرط الثاني]

أن يكون الغرر في عقود المعاوضات المالية؛ لأن الغرر لا يؤثر على الصحيح في عقود التبرعات، وهو مذهب مالك، واختاره ابن تيمية رحمه الله.

يقول القرافي: «فصل مالك بين قاعدة ما يجتنب فيه الغرر والجهالة ... وقاعدة ما لا يجتنب فيه الغرر والجهالة ... وانقسمت التصرفات عنده ثلاثة أقسام: طرفان وواسطة، فالطرفان، أحدهما: معاوضة صرفة، فيجتنب فيها ذلك إلا ما دعت الضرورة إليه عادة .. وثانيهما: ما هو إحسان صرف، لا يقصد به تنمية المال، كالصدقة والهبة .. فإن هذه التصرفات إن فاتت على من أحسن إليه بها لا ضرر عليه؛ لأنه لم يبذل شيئًا، بخلاف القسم الأول إذا فات بالغرر والجهالة ضاع المال المبذول في مقابلته، فاقتضت حكمة الشرع منع الجهالة فيه، إما الإحسان الصرف، فلا ضرر فيه، فاقتضت حكمة الشرع وحثه على الإحسان، التوسعة فيه بكل طريق بالمعلوم والمجهول، فإن ذلك أيسر لكثرة وقوعه قطعًا، وفي المنع من ذلك، وسيلة إلى تقليله، فإذا وهب له بعيره الشارد، جاز أن يجده، فيحصل له ما ينتفع


(١) الاستذكار (١٩/ ١٦٨).
(٢) انظر المنتقى للباجي (٥/ ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>