وعلى فرض أن تكون شركات الأموال لا تشبه الشركات المعروفة في الفقه الإسلامي، فإن هذا ليس كافياً للقول بمنعها، ولا يعلم دليل شرعي يربط مشروعية الشركات الحديثة بكونها مشابهة للشركات القديمة المذكورة في كتب الفقهاء، بل القاعدة الشرعية تنص على أن الأصل في المعاملات الحل والإباحة إلا ما دل الدليل على تحريمه منها، ولا يوجد محظور شرعي في قيام مثل هذه الشركات، بل المصلحة العامة داعية إلى قبولها بالضوابط الشرعية.
[الراجح]
لا أرى أن القول بالمنع قول وجيه، ولا المبررات التي ساقها من يطالب بمنع مثل هذه الشركات يمكن أن تكون أدلة شرعية باستثناء الدليل الأول، وقد أجبت عنه، وكل كده أن يوجد فرقاً بين هذه الشركات الحديثة، وبين الشركات القديمة في الفقه الإسلامي، وهذا الفرق لا يحتاج إلى عناء، فهو ظاهر وواضح، ولكن ليس هذا كافياً في رد الشركات، وإنما النظر في أي معاملة مستحدثة إلى المحاذير الشرعية، فإن ترتب على هذه المعاملة معاملات محرمة، كالدخول في الربا، أو الدخول في الغرر، أو الدخول في التغرير، والخداع، والقمار، والميسر حرم من أجل ذلك، لا من أجل الشركة، وما دامت الشركة قد تبين فيها مقدار المال، وتبين فيها نوعية العمل، وأنه من الأعمال المباحة، وتبين فيها مقدار الربح والخسارة بطريقة عادلة، وهي الاستواء فيما يحصل للشركاء من كسب أو ربح، وتحملهما الخسارة معاً، فإن الإسلام لا يمنع من قيام مثل هذه الشركات، وإن كانت شركات مستحدثة على غير مثال سابق، فالأصل في المعاملات الحل، ومع قولنا بالجواز إلا أن هذا من حيث الجملة، فلا يمنع أن يوجد في أنظمة الشركة المساهمة ما يمكن الاختلاف على جوازه،