للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبب التصرية (١)، وهو قول أشهب من المالكية (٢).

وهل يرجع المشتري على البائع بالنقصان؟ روايتان: في رواية الكرخي لا يرجع بشيء (٣).

وفي رواية شرح الطحاوي يرجع، وذلك لفوات وصف مرغوب فيه (٤)، وهو المختار (٥).

[القول الثاني]

ذهب عامة أهل العلم إلى أن البيع لا يبطل بالتدليس، وأن العقد صحيح مع


(١) ومع أن أبا حنيفة محمد بن الحسن رحمهما الله تعالى ذهبا إلى القول بعدم الرد بسبب التصرية، والسبب في هذا أنهما لا يريان التصرية عيبًا، فالخلاف خلاف في تحقيق المناط، وليس في أصل القول، وكذلك لا يعتبرونه عيبًا لو ألبس عبده ثياب الخبازين، فظنه خبازًا فليس له أن يرده؛ أو سود أنامله، وأجلسه على المعرض حتى ظنه المشتري كاتبًا، فليس له أن يرده؛ لأنه مغتر، وليس بمغرور، وأما الرد بالعيب فأبو حنيفة ومحمد بن الحسن يقولان بخيار العيب، فإذا ظهر في السلعة عيب، وكتمه البائع، فللمشتري الخيار، وهو أحد نوعي التدليس، لأن التدليس تارة يكون في كتمان عيب في السلعة، وتارة يكون في إظهارها بصفة الكمال، وهي ليست كذلك كما في التصرية، قال في بدائع الصنائع (٥/ ٢٢٠): «السلامة من العيب مطلوبة، ففواتها يوجب الخيار كما في سائر البياعات».
وقال الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/ ١٩): «ألا ترى أن رجلًا لو اشترى عبدًا، فقبضه، وتفرقا، ثم رأى به عيبًا بعد ذلك أن له رده على بائعه باتفاق المسلمين».وانظر تبيين الحقائق (٦/ ٧٧)، البحر الرائق (٨/ ٢٨٧). وسوف يأتي إن شاء الله تعالى مزيد بحث في باب الخيارات، بلغنا الله ذلك بمنه وكرمه.
(٢) التاج والإكليل (٤/ ٤٣٧).
(٣) البحر الرائق (٦/ ٥١)، شرح فتح القدير (٦/ ٤٠٠).
(٤) شرح معاني الآثار (٤/ ٢٠)، البحر الرائق (٦/ ٥١)، شرح فتح القدير (٦/ ٤٠٠).
(٥) قاله في الدر المختار (٥/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>