للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطاب أصاب أرضًا بخيبر، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضًا بخيبر، لم أصب مالًا قط أنفس عندي منه، فما تأمر به؟ قال: إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها، فتصدق بها عمر، أنه لا يباع، ولا يوهب، ولا يورث .... » (١).

[وجه الاستدلال]

قوله: (حبست أصلها، وقوله: فتصدق بها عمر أنه لا يباع ولا يوهب، ولا يورث)، كل ذلك لا يفهم منه إلا التأبيد، ولو صح الوقف مؤقتًا لصح أن يباع بعد ذلك، وأن يوهب، وأن يورث.

[ونوقش هذا]

بأن قوله: (لا يباع ولا يوهب ولا يورث) يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يقال: إن هذه اللفظة لا تدل على التأبيد، وإنما تدل على أن هذا هو حكم الوقف ما دام وقفًا، فإذا انتهى الوقف رجع إلى جواز بيعه، وهبته، وإرثه، كالوقف المنقطع، والتأبيد يستفاد إما لفظًا، بأن يقول: هذا وقف مؤبد، وإما معنى كما لو وقف على جهة لا تنقطع.

الثاني: أن هذه الصيغة تستلزم التأبيد، لكنه في الوقف المطلق، فإذا قيدها بوقت معين كان له ذلك؛ لأنه تبرع مشروط بشرط، فوجب العمل بشرط المتبرع؛ فالوقف تبرع بالمنفعة أو بالغلة، وإذا جاز مؤبدًا جاز مؤقتًا؛ لأنه عمل من أعمال الخير، غاية ما فيه أن المؤبد أفضل، وأكثر أجرًا، وهذا لا يبطل الوقف.


(١) صحيح البخاري (٢٧٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>