قال ابن القيم:«ليس في كتاب الله، ولا في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا في كلام أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز لا بلفظ عام، ولا بمعنى عام وإنما في السنة النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة، كما فيها النهي عن بيع بعض الأشياء الموجودة; فليست العلة في المنع لا العدم ولا الوجود بل الذي وردت به السنة النهي عن بيع الغرر وهو: ما لا يقدر على تسليمه سواء كان موجودًا أو معدومًا، كبيع العبد الآبق، والبعير الشارد إن كان موجودًا; إذ موجب البيع تسليم المبيع فإذا كان البائع عاجزًا عن تسلميه فهو غرر ومخاطرة وقمار، فإنه لا يباع إلا بوكس فإن أمكن المشتري تسلمه كان قد قمر البائع وإن لم يمكنه ذلك قمره البائع وهكذا المعدوم الذي هو غرر نهي عنه للغرر لا للعدم كما إذا باعه ما تحمل هذه الأمة، أو هذه الشجرة؛ فالبيع لا يعرف وجوده ولا قدره ولا صفته; وهذا من الميسر الذي حرمه الله ورسوله»(١).
وقد ناقشت في مسألة مستقلة حكم بيع المعدوم، وأقوال الفقهاء فيها، ورجحت أن المعدوم على قسمين: معدوم يتضمن بيعه غررًا، فهذا لا يجوز، ومعدوم لا يتضمن بيعه غررًا، وهذا جائز، كبيع السلم، وكعقد الاستصناع، ومثله الثمرة المتلاحقة، والله أعلم.
[الدليل الثاني]
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع ما ليس عند البائع كما في حديث ابن عمرو، وحديث حكيم بن حزام، وسبق تخريجهما.
والثمرة التي لم تخلق بعد إذا باعها فقد باع ما ليس عنده وقت العقد.