على التسليم بأن المولود إذا لم يستهل صارخًا يعتبر ميتًا، فإن هناك فرقًا بين المولود وبين المريض، فالمولود مشكوكٌ في حياته، لم تثبت حياته بعد، بخلاف المريض فإن الأصل بقاء حياته، فلا ينتقل عن هذا الأصل إلا بيقين.
[الدليل الثاني]
أن المرجع في ذلك إلى الأطباء، وليس إلى الفقهاء، وقد كلفنا الله سبحانه وتعالى أن نسأل أهل الذكر إن كنا لا نعلم، قال تعالى:{فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣]، فالأطباء: هم أهل الاختصاص والخبرة في الشأن، وهم مؤتمنون في هذا. وقد قال الأطباء: إذا رفض المخ قبول التغذية فقد مات الإنسان.
[ويجاب]
بأن الأطباء وإن كان عامتهم يقولون بذلك، إلا أنهم لم يجمعوا على ذلك، فهناك من يعتبر الموت الدماغي موتًا فعليًا، وهناك من يرى أن من مات دماغيًا فقد استدبر الحياة، وهو في طريقه إلى الموت، ولا يحكم بموته نهائيًا إلا بعد توقف قلبه، والأجهزة الرئيسية في بدنه (١)، وانظر القول الثالث في هذه المسألة.
وهذا الخلاف له أثر فقهي كبير، في أحكام الموت من ميراث وعدة، وغير ذلك من الأحكام المتعلقة بالوفاة.
(١) وقد ذكر الشيخ يوسف الأحمد في كتابه (أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي) (١/ ٢٦١ - ٢٦٤) عن مجموعة من الأطباء أنهم لا يعتبرون موت الدماغ نهاية لحياة الإنسان، من ذلك الدكتور صفوت حسن لطفي، أستاذ التخدير بطب القاهرة، والدكتور (بروج) الأستاذ المشارك للتخدير بجامعة هارفارد، والدكتور سهيل الشهري، والدكتور رؤوف محمود سلام، والدكتور محمد بن عابد باخطمة، وغيرهم.