للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشرط الثاني: في اشتراط العدالة.]

قال ابن رشد في تعريف العدالة: «وأحسن ما رأيت في ذلك أنه المجتنب للكبائر، المتوقي من الصغائر» (١).

ففهم منه أن الصغائر يكفي أن يكون حريصًا على التوقي منها؛ لأن لا يمكن لبشر السلامة منها، وإنما هي أمارة على البشرية، فلا يخرج من العدالة في الوقوع في شيء منها ما دام حريصًا على التوقي منها.


(١). البيان والتحصيل (١٠/ ١٢٣)، وتقسيم الذنوب إلى صغائر وكبائر موضع خلاف بين أهل العلم:
فذهب جمهور أهل العلم إلى تقسيم المعاصي إلى كبائر وصغائر، واستدلوا على ذلك:
قال تعالى: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: ٧]. فجعل الكفر رتبة، والفسوق رتبة ثانية، والعصيان يلي الفسوق، وهو الصغائر فجمعت الآية بين الكفر والكبائر والصغائر.
وقوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّآتِكُمْ} [النساء: ٣١].
وذهب بعض العلماء إلى أن الذنوب كلها كبائر، وإن كان بعضها أكبر من بعض، اختاره إمام الحرمين في الإرشاد، وابن فورك في كتابه مشكل القرآن، فقالوا: المعاصي كلها كبائر، وإنما يقال لبعضها صغيرة بالنسبة إلى ما هو أكبر منها، كما يقال: الزنا صغيرة بالنسبة للكفر، وكرهوا أن تسمى معصية الله صغيرة إجلالًا له، وتعظيمًا لحدوده، مع اتفاقهم في الجرح أنه لا يكون بمطلق المعصية، وأن من الذنوب ما يكون قادحًا في العدالة، ومنها ما لا يكون قادحًا، قال القرافي في الفروق (١/ ١٢١): وهذا مجمع عليه، وإنما الخلاف في التسمية والإطلاق. اهـ

وأجابوا عن قوله تعالى: {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} [النساء: ٣١] إن اجتنبتم الشرك بالله والكفر كفرنا عنكم سيئاتكم. انظر الفروق (١/ ١٢١)، البحر المحيط في أصول الفقه (٦/ ١٥٣)، إرشاد الفحول (١/ ١٤٤)، المقدمات الممهدات (٢/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>