للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة:٢٨٣]، فالتحقيق أن الأمر في قوله: فاكتبوه للندب والإرشاد؛ لأن لرب الدين أن يهبه، ويتركه إجماعًا، فالندب إلى الكتابة فيه، إنما هو على جهة الحيطة للناس (١).

وأما الجواب عن التعبير بنفي الجناح في البيع الناجز مما يعني وجود الجناح في ترك الكتابة بالبيع المؤجل فيقال: إن نفي الجناح ليس على بابه في هذه الآية نظير هذا قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] فعبر بنفي الجناح لمن أراد قصر الصلاة بشرط الخوف، مع أن الإتمام أولى من القصر، فهو مندوب للمسافر مطلقًا، وليس الخوف شرطًا في جوازه، والله أعلم.

الجواب الثاني:

قال بعضهم: كانت كتابة الدين والإشهاد والرهن فرضًا ثم نسخ الكل بقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ} [البقرة: ٢٨٣]. وهو قول الشعبي، والربيع بن أنس، والحسن وابن جريج والحكم بن عتيبة، وغيرهم (٢).

والجواب الأول أصح؛ لأن الأصل عدم النسخ.

قال الطبري: «لا وجه لاعتلال من اعتل بأن الأمر بذلك منسوخ بقوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: ٢٨٣]؛ لأن ذلك إنما أذن الله


(١). انظر أضواء البيان (١/ ١٨٤).
(٢). تفسير البغوي (١/ ٣٤٩)، تفسير ابن كثير ـ تحقيق سامي سلامة (١/ ٧٢٣)، تفسير الرازي (٧/ ٩٢)، تفسير القرطبي (٣/ ٣٨٣)، البحر المحيط في التفسير (٢/ ٧٢٣)، اللباب في علوم الكتاب (٤/ ٤٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>