من التردد على المحاكم، وإشغال القضاة، وما يتسبب عنها من إهدار للأموال والأوقات لهذه المصالح يدرك العاقل أن مثل هذا تحرص الشريعة على قطعه، وسد بابه، وألا يترك الأمر لرغبات الناس.
[ويناقش]
بأن هذه المصالح هي التي جعلت الشارع يأمر بكتابة الدين، وليس النزاع في مشروعيتها، ولكن القول بوجوبها مع وجود ما يدل على أن الأمر للاستحباب هو محل الإشكال، والله أعلم.
[القول الثالث]
يجب توثيق الدين إذا كان الدائن يتصرف لغيره، كولي اليتيم، وناظر الوقف.
قال شيخ شيخنا عبد الرحمن السعدي:«وهذا الأمر قد يجب، إذا وجب حفظ الحق، كالذي للعبد عليه ولاية، كأموال اليتامى، والأوقاف، والوكلاء، والأمناء»(١).
ولأن الولي والناظر والوكيل تصرفه لغيره بمقتضى الأصلح، ولا شك أن الكتابة لهم أصلح لهم من إهمالها مما قد يعرض أموالهم للضياع من نسيان الدين، أو جحده، والله أعلم.
[القول الرابع]
أن الاستحباب مقيد بالأشياء النفيسية دون الأشياء الحقيرة؛ حفظًا للوقت،
(١). تفسير السعدي (ص: ٩٥٩)، وانظر تفسير العثيمين (٣/ ٤١٢).