قال أبو بكر بن العربي: متى كان المنع لحق الله تعبدًا فسخ البيع إجماعًا، ومتى كان لحق الآدمي كالعيب والغش فله الخيار، ومتى كان لحق الله ولحق الآدمي فعند كافة العلماء أنه يفسخ (١).
[م-٣٧٥] تكلمنا في الفصل السابق عن الحكم التكليفي للغش، وبينا أن العلماء مجمعون على تحريمه، ونعرض في هذا الفصل الحكم الوضعي لهذا البيع.
والغش إن كان عن طريق تلقي الركبان، أو النجش، أو التصرية، أو الغبن الفاحش فقد سبق بحث الحكم الوضعي لهذه المسائل، فأغنى عن إعادته هنا.
وإن كان الغش عن طريق خلط المبيع بغيره، فإن كان المشتري يعلم قدر الغش الذي فيه، ويدخل في البيع على بينة، فهذا بيعه جائز، لأن المبيع وإن كان مغشوشًا، إلا أن البائع لم يتعرض للغش فيه، لكونه علم مقدار ذلك.
وإن كان المغشوش لا يعلم مقداره، كاللبن إذا خلط بالماء مثلًا، فهذا لا يجوز بيعه، حتى ولو علم بذلك المشتري؛ لأن المشتري لا يعلم مقدار الخلط، فيبقى المبيع مجهولًا، وهو غرر.
قال ابن تيمية: «بيع المغشوش الذي يعرف قدر غشه: إذا عرف المشتري بذلك، ولم يدلسه على غيره جائز، كالمعاملة بدراهمنا المغشوشة.