للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول ابن عبد البر: «القراض عند أهل المدينة، هو المضاربة عند أهل العراق، وهو باب منفرد بحكمه عند الجميع، خارج عن الإجارات كما خرجت العرايا عن المزابنة، والحوالة عن الدين بالدين، والمساقاة عن بيع ما لم يخلق، وصار كل باب منها نوعًا منفردا بحكمه أصلا في نفسه» (١).

ويقول محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان: «المضاربة المعروفة في اصطلاح بعض الفقهاء بالقراض فإن ظاهر النصوص العامة منعها؛ لأن الربح المجعول للعامل جزء منه لا يدرى، هل يحصل منه قليل أو كثير، أو لا يحصل شيء؟ وهذا داخل في عموم الغرر، ولم يثبت نص صحيح يجب الرجوع إليه من كتاب، ولا سنة بجواز المضاربة، والحديث الوارد فيها ضعيف لا يحتج به، إلا أن الصحابة أجمعوا على جواز المضاربة، وكذلك من بعدهم فقدم هذا الإجماع على ظاهر تلك النصوص الدالة على منع الغرر لعلمنا بأنهم استندوا في إجماعهم إلى شيء علموه منه - صلى الله عليه وسلم - يدل على إباحة ذلك، والله أعلم» (٢).

[ونوقش هذا القول]

أما القول بأن عقد المضاربة مستثنى من الإجارة بعوض مجهول فهذا القول ضعيف؛ لأن هناك فرقًا بين عقد الإجارة وعقد المضاربة:

فعقد الإجارة عقد لازم، وعقد المضاربة عقد جائز.

وعقد الإجارة عقد مؤقت، وعقد المضاربة يجوز الدخول فيه بلا توقيت.

وعقد الإجارة يستحق العامل فيه الأجرة مطلقًا.

وعقد المضاربة قد يربح العامل، وقد لا يربح، ويخسر جهده ووقته.


(١) الكافي لابن عبد البر (ص: ٣٨٤).
(٢) مذكرة في أصول الفقه للشيخ (ص:٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>