للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقرينة على أن المراد بالوصية: الوصية بالحقوق الواجبة أن الحديث قال: (له شيء يوصي فيه) وهي رواية الصحيح، وعليها أكثر الرواة، وكلمة (شيء) نكرة، ولو أخذنا بظاهر الحديث لقلنا: إن الإنسان مأمور بالوصية إذا ترك أي مال مهما كان يسيرًا، والإجماع منعقد على أن الإنسان إذا ترك شيئًا يسيرًا لا تشرع له الوصية، فحمل الحديث على الوصية بالحقوق الواجبة.

قال ابن عبد البر: «أجمع العلماء على أن من لم يكن عنده إلا اليسير التافه من المال أنه لا يندب إلى الوصية» (١).

وستأتي الآثار إن شاء الله عن الصحابة في ذلك في أدلة القائلين بالاستحباب.

[الدليل الثاني]

(ح-١٠١٣) ما رواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن الحسن بن عبيد الله،

عن إبراهيم النخعي، قال: ذكرنا أن زبيرًا وطلحة كانا يشددان في الوصية على الرجال، فقال: وما كان عليهما ألا يفعلا، توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما أوصى، وأوصى أبو بكر، فإن أوصى فحسن، وإن لم يوص فلا بأس.

[وجه الاستدلال]

التشديد في الشيء لا يكون إلا في الأمور الواجبة.

[لم أقف على قول الزبير وطلحة مسندًا عنهما، والنخعي لم يلق واحدًا منهما] (٢).


(١). التمهيد (١٤/ ٢٩١)، وانظر شرح البخاري لابن الملقن (١٧/ ١٧٤).
(٢). المصنف (٩/ ٥٧) رقم: ١٦٣٣٢، ورواه الطبري في تفسيره (٣/ ١٣٤) إلا أن تفسير الطبري قال (زيداً) بدلاً من كلمة (الزبير) ولعل الصواب ما في المصنف؛ لأني وجدت في شرح البخاري لابن الملقن (١٧/ ١٧٥) بلفظ (الزبير)، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>