للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثالث

أن تكون المنفعة مباحة الاستيفاء بلا حاجة

[م-٨٤٥] بينا في الشروط السابقة أنه يشترط في الإجارة أن تشتمل على منفعة ذات قيمة مقصودة، وهنا يضاف قيد آخر، وهو أن تكون المنفعة مباحة الاستيفاء بلا حاجة، وهذا القيد أخرج شيئين:

الأول: أخرج الأعيان التي يباح الانتفاع بها بقيد الضرورة، فلا يجوز عقد الإجارة عليها.

الثاني: كذلك أخرج الأعيان التي يباح الانتفاع بها بقيد الحاجة كالكلب للصيد والحراسة.

فلا بد أن يكون الانتفاع مأذونًا به شرعًا مطلقًا بلا قيد الحاجة ولا الضرورة، فإذا كانت الإجارة لا تصح على ما لا نفع فيه، فكذلك لا تصح على ما فيه نفع محرم، كالنياحة، وعصر الخمر، واستئجار القراء للقراءة على روح الميت، واستئجار السحرة والكهان والعرافين ونحوها.

قال تعالى: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النور: ٣٣].

قال ابن كثير: «كان أهل الجاهلية إذا كان لأحدهم أمة أرسلها تزني، وجعل عليها ضريبة يأخذها منها كل وقت، فلما جاء الإسلام نهى الله المؤمنين عن ذلك، وكان سبب نزول هذه الآية الكريمة فيما ذكر غير واحد من المفسرين من السلف والخلف في شأن عبد الله بن أبي بن سلول، فإنه كان له إماء فكان يكرههن على البغاء طلبًا لخراجهن» (١).


(١) تفسير ابن كثير (٣/ ٢٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>