سبق لنا في عقد البيع أن تكلمنا عن المال، وعن الخلاف بين الجمهور والحنفية في حقيقته، فالمنافع والديون لا تعتبر مالًا عند الحنفية خلافًا للجمهور، واشتراط الطهورية في الأعيان المبيعة ليست شرطًا عند الحنفية خلافًا للجمهور، والكلب مال متقوم عند الحنفية مطلقًا معلمًا كان أو غير معلم، وليس مالًا عند الشافعية والحنابلة مطلقًا، والمالكية على التفريق بين المعلم وغيره.
لهذا ونحن نبحث اشتراط مالية الموصى به ينبغي أن نتصور كل هذا الخلافات بين الفقهاء.
ولما كان في عقد البيع تشترط مالية العوضين؛ لأنه من عقود المعاوضة، فهل تشترط المالية في عقود التبرعات كالوصية، فعقد التبرع أوسع من عقد المعاوضة، فإذا أوصى بما ليس مالًا كالوصية بالكلب، أو الوصية بشيء نجس، أو أوصى بما لا يصح بيعه كالوصية بمجهول أو معدوم، فهل تصح هذه الوصية؟
وقبل الجواب على هذا السؤال كان علينا البحث في اشتراط مالية الموصى به، ثم نفرع على هذا البحث الدخول في فروع هذه المسألة، والله أعلم.