للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مال، وبعد كسبها تتلاشى وتفنى، ولا يمكن إحرازها، وقد ناقشت مالية المنافع والخلاف بين الحنفية وبين الجمهور في عقد البيع من هذا الكتاب، وبينت ضعف مذهب الحنفية هناك فأغنى ذلك عن إعادته هنا (١).

هذا مأخذ الحنفية في المنع من إقراض المنافع.

وأما مأخذ الحنابلة من المنع قال في كشاف القناع: «ولا يصح قرض المنافع؛ لأنه غير معهود» (٢).

والحقيقة كون إقراض المنافع غير معهود لا يكفي هذا في المنع، فإن المعاملات تتغير، فقد يكون الشيء محلًا للانتفاع في وقت دون وقت، كما أن الأعيان قد تنتقل من المالية إلى عدمها، وبالعكس، فإذا هجر الناس الانتفاع بعين من الأعيان وترك عامتهم تمولها فقدت هذه العين ماليتها، فلو كنا في بلد تعارف الناس على طرح حوايا الذبيحة، وأطرافها لم تكن هذه الأشياء مالًا عندهم، وإن كانت هذه الأعيان فيها منافع مباحة، وإذا رجع الناس إلى تمولها عادت إليها المالية، وإذا كان ذلك في الأعيان فما بالك بالمنافع، ولأن الأصل في المعاملات والعقود والشروط عند الحنابلة الصحة، فإذا اعتاد الناس اقترض المنافع فلا يوجد محذور شرعي يقتضي المنع.

[القول الثاني]

لا يصح إقراض منافع العقار، ويصح إقراض منافع الدواب ونحوها مما يمكن ضبطها بالصفة، اختاره البلقيني والسبكي من الشافعية.


(١). انظر (١/ ١٣٧) من هذا الكتاب، ولله الحمد.
(٢). كشاف القناع (٣/ ٣١٤)، وانظر مطالب أولي النهى (٣/ ٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>