للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما هو الشأن في كل أمور التجارة، ومبدأ الضمان في الشريعة قائم على أساس المماثلة بين الفائت وعوضه، ولا مماثلة بين المنفعة المحتملة، وبين مقدار التعويض المتحقق، فلا يزال هذا الضرر المحتمل بضرر متحقق يلحق المماطل، فإن من شرط إزالة الضرر ألا يزال الضرر بمثله، ولا بما هو أشد منه (١).

وأما القول بأن عقوبة المماطل بالحبس لا تفيد المدين شيئًا، فيقال في الجواب على ذلك: بأن العقوبات الشرعية ليس من شأنها الجبر، بل وظيفتها تكاد تنحصر في الزجر، فقطع السارق لا يزيل الضرر عن المسروق، وقتل القاتل لا يزيل الضرر عن المقتول، وهكذا، فإذا عرف من يريد ارتكاب الجريمة أنه سيعاقب على ارتكابها فإنه يكف عن المخالفة، فيقع الردع العام الذي قصده الشارع من نظام العقوبات الشرعية (٢).

[الدليل الرابع]

لا يوجد في نصوص الشريعة وأصولها ومقاصدها العامة ما يتنافى معه، بل العكس يوجد ما يؤيده في الشريعة وقواعدها العامة.

أما اتفاق هذا الشرط مع مقاصد الشريعة، فإن من مقاصد الشريعة وأسسها في تقرير الأحكام عدم المساواة بين الأمين والخائن، وبين المطيع والعاصي، وبين العادل والظالم، وبين من يؤدي الحقوق إلى أصحابها في مواقيتها ومن يجحدها، أما العقاب الأخروي للمماطل فهو لا يفيد الدائن شيئًا في الدنيا،


(١) انظر المؤيدات الشرعية لحمل المدين المماطل على الوفاء (ص: ٢٨٩ - ٢٩١)، وتعليق زكي الدين شعبان على بحث الزرقاء (ص: ١٩٩)، وبيع التقسيط للشيخ التركي (ص:٣٣١ - ٣٣٢).
(٢) انظر المراجع السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>