للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول الثالث]

لا يجوز البيع بغير صفة، ولا رؤية متقدمة، وهذا اختيار القاضي أبي محمد البغدادي من المالكية (١)، وهو الأظهر في مذهب الشافعية (٢)، والمشهور من مذهب الحنابلة (٣).

فصارت الأقوال ثلاثة:

يصح مطلقًا وله خيار الرؤية إذا رآه.

لا يصح مطلقًا. وهذان القولان متقابلان.

يصح إن اشترط المشتري له الخيار إذا رآه، وإن لم يشترط الخيار فلا يصح.

هذا ملخص الأقوال في المسألة، وهي مهمة جدًا لوقوع التجار فيها، وأحيانًا لو انتظر المشتري ليرى السلعة فقد تفوته الصفقة؛ لكثرة الطلب عليها، والذي أحبه في المعاملات ـ خاصة في المسائل التي لم يرد فيها نص صريح ـ أن ينظر إلى مقاصد الشريعة في إباحتها ومنعها، فمن مقاصد الشريعة في المعاملات: إقامة العدل بين الناس، ومنع الظلم، ودفع الغرر الكثير، وإغلاق كل باب يؤدي إلى التنازع والتباغض، ومفسدة الغرر أخف من مفسدة الربا، فلذلك رخص في الغرر فيما تدعو إليه الحاجة منه، كما رخص في اليسير، وفي الشيء غير المقصود والذي يدخل تبعًا.


(١) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (٢/ ٥٢١ - ٥٢٢).
(٢) الأم (٣/ ٤٠)، مغني المحتاج (٢/ ١٨)، الإقناع للشربيني (٢/ ٢٨٢)، حاشيتا قليوبي وعميرة (٢/ ٢٠٥).
(٣) قال في الإنصاف (٤/ ٢٩٥): «إذا لم ير المبيع، فتارة يوصف له، وتارة لا يوصف له، فإن لم يوصف له لم يصح البيع على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب».
وقال في المغني (٤/ ١٥): «وفي بيع الغائب روايتان، أظهرهما أن الغائب الذي لم يوصف، ولم تتقدم رؤيته، لا يصح بيعه».

<<  <  ج: ص:  >  >>