إذا عرفنا هذا يمكن القول: بأن بيع الغائب إن وقع بلا وصف ولا رؤية، فهو بيع جائز فيما أرى، ولكنه غير لازم، فللمشتري الخيار مطلقًا إذا رأى السلعة، وهنا نكون قد حققنا المصلحة لكل من المتعاقدين مصلحة البائع ومصلحة المشتري من غير لحوق ضرر فيهما، ودفعنا خوف الوقوع في الغرر، بكون البيع لا يلزم إلا إذا رأى المبيع.
وقد ذكرت هذه المسألة بأدلتها في عقد البيع فأغنى ذلك عن إعادتها هنا، فارجع إلى أدلة الأقوال إن شئت في المجلد الثالث.
إذا علم ذلك نستطيع القول بأن عقد التوريد على سلعة معينة موجودة في في ملك البائع إذا تم عقد البيع على عينها بلا رؤية ولا صفة أن هذا عقد صحيح غير لازم، ولا مانع من تأخير تسليم العوضين؛ لأن أحد العوضين معين، وهو المبيع، فلا يكون من بيع الدين بالدين، والله أعلم.