للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنه فصار كالقرض فإذا أخذ عوضًا صار القرض جارًا للمنفعة فلم يجز» (١).

[ونوقش هذا]

بأن هذا الاستدلال وجيه لو كان التكييف الفقهي للأجر على الضمان بأنه عوض عن الدين المكفول به إذا أداه الضامن لرب الدين، أما إذا كان العوض في الضمان عن الالتزام بالدين، سواء أدَّاه الكفيل فيما بعد أم أدَّاه المكفول فلا يقال: إنه قرض جر نفعًا. وذلك أن الكفالة بالمال فيها ثلاثة أمور:

* التزام الكفيل بالدين أو المطالبة به.

* أداء الكفيل بالدين المكفول به إلى ربه.

* رجوع الكفيل على المكفول بما أدى عنه إن وقع ذلك.

فأخذ العوض إنما هو في مقابل الالتزام، وليس في مقابل أداء الكفيل للدين بدليل أن العوض مستحق مطلقًا، سواء أدى الكفيل الدين أو أداه صاحبه، فلو قام المكفول بأداء دينه للمكفول له برئت ذمته منه، ولم تنشأ مداينة أصلًا بينه وبين الضامن، وعندئذ فلا حرج شرعًا في استحقاق الضامن الجعل المشروط عوضًا عن مجرد الالتزام بالدين لانتفاء الربا وذرائعه وشبهته، وكذا لو كان الكفيل مدينًا للمكفول بمثل المال المضمون، وهو ما يسمى بالضمان المغطى، فإنه لا يوجد قائل بأنه لا يجوز أخذ العوض في هذه الحال، وكل ذلك يدل على


(١) المغني (٤/ ٢١٤)، وقد علل بذلك جمع من الفقهاء، جاء في منحة الخالق على البحر الرائق (٦/ ٢٤٢): «الجعل باطل؛ لأن الكفيل مقرض في حق المطلوب، وإذا شرط له الجعل مع ضمان المثل فقد شرط له الزيادة على ما أقرضه فهو باطل؛ لأنه ربا». وانظر أقرب المسالك (٢/ ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>