للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دليل من قال بصحة بيع المعيب، وللمشتري الخيار.]

(ح-٣٢٢) ما رواه البخاري من طريق جعفر بن ربيعة، عن الأعرج،

قال أبو هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لا تصروا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد فهو بخير النظرين بعد أن يحتلبها، إن شاء أمسك، وإن شاء ردها وصاع تمر (١).

قال ابن عبد البر عن هذا الحديث: «وهو أصل في النهي عن الغش، والدلسة بالعيوب، وأصل أيضًا في الرد بالعيب لمن وجد فيما يشتريه من السلع، وفيه دليل على أن بيع المعيب بيع يقع صحيحًا، بدليل التخيير فيه؛ لأنه إن رضي المبتاع بالعيب جاز ذلك، ولو كان بيع المعيب فاسدًا، أو حرامًا لم يصح الرضا به، وهذا أصل مجتمع عليه» (٢).

[الدليل الثاني]

الأصل في المبيع السلامة من العيب، وكون العقد مطلقًا، لم يذكر فيه وجود العيب دليل على أن مقتضى العقد سلامته من العيب، فكأن العاقدين نصا على اشترط سلامة المبيع من العيب، فلما لم يسلم المبيع من العيب كان ذلك إخلالًا بهذا الشرط، والمتضرر من ذلك هو المشتري وحده، فجعل الخيار له.

يقول الكاساني: «السلامة - يعني من العيب - شرط في العقد دلالة، فما لم يسلم المبيع لا يلزم البيع فلا يلزم حكمه والدليل على أن السلامة مشروطة في العقد دلالة: أن السلامة في البيع مطلوبة من المشتري عادة; لأن غرضه الانتفاع بالمبيع ولا يتكامل انتفاعه إلا بقيد السلامة ولأنه لم يدفع جميع الثمن إلا ليسلم له جميع المبيع فكانت السلامة مشروطة في العقد دلالة


(١) صحيح البخاري (٢١٤٨)، ورواه مسلم (١١ - ١٥١٥).
(٢) الاستذكار (٢١/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>