وقال ابن عبد البر:«حجة من أجاز تجويز الورثة الوصية للوارث اتفاقهم على أنه إن أوصى بأكثر من الثلث وأجازه الورثة جاز، فالوصية للوارث مثل ذلك والله أعلم»(١).
[ويناقش]
ليس الخلاف في صحة إجازة الورثة، فإنها إجازة صحيحة لصدورها ممن يملك حقيقة، وإنما الخلاف في توصيف هذه الإجازة، هل تكون وصية، أو تكون هبة مبتدأة.
[الدليل الخامس]
أن الموصي حين أوصى قد تصرف في ملكه، فيجب انعقاد تصرفه، غير أن حق الغير متعلق به، فوقف النفوذ على رضاه، ولم يمنع ذلك من صحتها كبيع ما فيه شفعة، فعلى هذا إذا أجاز الورثة نفذت الوصية.
[ويناقش]
الوصية الحقيقية هي المقدمة على حق الوارث، ولا تتوقف على رضا الوارث، والإيجاب في الوصية معلق بالموت، فإذا وقع الموت يكون تصرفه ليس في ملكه، وهو لا يملك ذلك بعد موته، والشريك إذا باع حصته لأجنبي فقد باع مالًا يملكه، وكان القياس أن له أن يبيع ماله لمن يشاء، وإنما انتزع الشفيع حصة شريكه دفعًا للضرر الواقع عليه، وليس لأنه يملك حصة شريكه فافترقا.