للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: «المسلمون مجمعون على أن الإنسان إذا أخذ الماء من النيل مثلًا فقد ملكه، وأن له بيعه ... » (١).

وقال المازري في المعلم: «اعلم أن من الناس من زعم أن الإجماع قد حصل على أن من أخذ من دجلة ماء في إنائه، وحازه دون الناس أن له بيعه إلا قولًا شاذًا ذكر في ذلك، لا يعتد بخلافه عنده ... » (٢).

[والدليل على أن الإنسان إذا استخرج الماء من البئر، أو حازه في إناء جاز له بيعه، وكذلك الكلأ]

(ح-٣٣٧) ما رواه البخاري من حديث الزبير بن العوام،

عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: لأن يأخذ أحدكم أحبلًا، فيأخذ حزمة من حطب، فيبيع، فيكف الله بها وجهه خير من أن يسأل الناس، أعطي أم منع (٣).

[م - ٣٨٤] حكم بيع الماء والكلأ إذا كان في أرض مملوكة.


(١) المفهم (٤/ ٤٤١).
(٢) المعلم بفوائد مسلم (٢/ ١٨٩). يقصد بذلك - والله أعلم - قول ابن حزم، فقد قال رحمه الله في المحلى (٧/ ٤٨٨) مسألة ١٥١٢: «ولا يحل بيع الماء بوجه من الوجوه، لا في ساقية، ولا من نهر، أو من عين، ولا من بئر ولا في بئر ولا في صهريج ولا مجموعًا في قربة ولا في إناء .. ».
وخلاف ابن حزم رحمه الله، بل خلاف الظاهرية لا شك أنه يعتد به، وهم من جملة المسلمين الذين قال الله تعالى فيهم {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين} [النساء:١١٥].
ولا يعاب عليهم إلا نفيهم للقياس، وقد قالوا ذلك عن اجتهاد، والأخطاء في مذهبهم إذا قورنت بالأخطاء الموجودة في المذاهب الأخرى لم تزد عليها، فالصواب ليس حكرًا على مذهب دون آخر، فكل يصيب، ويخطئ، والترجيح بين الأقوال إنما هو بحسب قربه من الدليل الشرعي، ومن قواعد الفقه، ومقاصد الشارع.
(٣) صحيح البخاري (٢٣٧٣)، ومسلم (١٠٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>