يدفع إليه ماله إذا بلغ خمسًا وعشرين سنة، حتى لو استمر معه السفه، وهو مذهب أبي حنيفة.
[القول الثاني]
لا يدفع إليه ماله، ولو بلغ مائة سنة حتى يؤنس منه الرشد، وهذا مذهب الجمهور.
[م - ٩٢] وأما إذا بلغ الصبي رشيدًا ثم طرأ عليه السفه:
فيرى أبو حنيفة إلى أنه لا يجوز الحجر عليه مطلقًا، فلا يمنع عنه ماله.
ويرى الجمهور إلى أنه يعود إليه الحجر (١).
أدلة أبي حنيفة على التفريق بين اتصال السفه بالبلوغ، وبين أن يبلغ رشيدًا، ثم يطرأ عليه السفه:
[الدليل الأول]
أما الدليل على منع المال منه عند البلوغ إذا لم يؤنس منه الرشد بقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء:٦] فإذا لم يوجد منه رشد بعد البلوغ لم يدفع المال إليه، لبقاء أثر الصبا عليه، وبقاء أثره كبقاء عينه.
وهذا الكلام جيد إلا أن أبا حنيفة يرى أنه لا يدفع له المال في الوقت الذي يصحح له تصرفه فيه، وأي فائدة في ذلك إذ كنا نمنع عنه المال، ونطلق له التصرف فيه، وإنما لم ندفع له المال من أجل حفظه وصيانته عن التبذير، فإذا أطلق له التصرف انتفت الحكمة من منعه ماله.
(١) الفروع (٤/ ٣١٨)، وانظر ما سبق من العزو في كتب الأئمة الفقهاء.