للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدليل الثاني]

إذا كان عقد الذمة يضمن عدم التعرض لهم في شرب الخمر، وأكل الخنزير، فهذا يعني أننا قد التزمنا لهم بحفظها وحمايتها، والعصمة والإحراز يتمان بهذا الحفظ، ووجوب الضمان بالإتلاف ينبني على ذلك (١).

«لأن الخمر غير محرمة عليهم، فتكون متمولة، أما عدم تحريمها فلأن الخمر كانت مباحة في صدر الإسلام، ثم نزل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر - إلى قوله تعالى - ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة} [المائدة:٩٠،٩١] فخصص بخطاب التحريم المؤمنين، ولأنهم ليسوا من أهل الصلاة، ولا عجب في استثناء بعض الأحكام عنهم بدليل سقوط الضمان، والأداء عنهم؛ ولأن أهل الذمة عصمت دماؤهم عن السفك، وأعراضهم عن الثلم، وأموالهم عن النهب، وأزواجهم عن الوطء، مع وجود سبب عدم ذلك في الجميع، وهو الكفر، فكذلك الخمر لا تمنع مفسدة الإسكار تمولها، وعصمتها، ويؤكده الإجماع على منع إراقتها، ووجوب ردها مع بقاء عينها، وإنما الخلاف إذا تعدى فأتلفها» (٢).

[وأجيب عن هذا الدليل من وجوه]

[الوجه الأول]

عدم التعرض لهم لا يعني الضمان بحال من الأحوال، فنحن لا نتعرض لصليبهم، ولا لأصنامهم، ومع ذلك لا نضمن لهم ما كسر لهم منها، فالضمان أمر زائد على الترك.


(١) انظر المبسوط (١١/ ١٠٢).
(٢) الذخيرة - القرافي (٨/ ٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>