قيل: إن تسميتهم يتامى في الموضعين إنما هو باعتبار ما كانوا متصفين به قبل البلوغ؛ إذ لا يُتْم بعد البلوغ إجماعًا، ونظيره قوله تعالى:{وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ}[الشعراء: ٤٦] يعني: الذين كانوا سحرة؛ إذ لا سحر مع السجود لله (١).
[وأجيب عنه]
بأن الله لما أمر باختبارهم مد هذا إلى غاية، وهي البلوغ، قال تعالى:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}[النساء: ٦] فدل على أن الاختبار إنما هو قبل البلوغ.
[الاعتراض الثاني]
لا يلزم من الأمر بالابتلاء أن يكون ذلك عن طريق البيع والشراء، فالمراد بالابتلاء اختبار عقله واستبراء حاله، هل له فهم وقدرة في معرفة المصالح والمفاسد، وهذا لا يلزم منه الإذن له بالتصرف، خاصة أن الآية أمرت باختبارهم في الوقت الذي أمرت بعدم دفع المال إليهم إلا بشرطين: البلوغ وإيناس الرشد: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء: ٦].
وإذا ثبت بموجب هذه الآية أنه لا يجوز دفع المال إليهم حال الصغر، وجب أن لا يجوز تصرفه حال الصغر.
وعلى التنزل أنه يدفع إليه جزءًا من ماله ليظهر اختباره، فما المانع أن يفوض