للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

° وجه من قال: الترك أولى:

أن الورثة إذا كانوا فقراء كان ترك المال لهم خيرًا من الوصية للبعيد، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: إنك أن تذر ورثتك أغنياء، خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس (١).

وقوله: (خير) أفعل تفضيل بمعنى: أخير، أي أفضل، ولا يلزم من ترك الأفضل، والأخذ بالمفضول أن يقع الإنسان في المكروه، وإلا لقلنا: إن ترك جميع المندوبات تعني الوقوع في المكروه، وهذا غير صحيح.

[ويناقش]

لا يلزم من استخدام أفعل التفضيل ألا تكون الوصية مكروهة مع حاجة الورثة، فإن أفعل التفضيل قد يستخدم في غير بابه، كما في قول المؤذن: الصلاة خير من النوم، فإن النوم عن الصلاة ليس فيه فضل مطلقًا، فإذا كانت الوصية نوعًا من الصدقة، وكان ترك الثلث للزوج والولد صدقة من الميت على أهله، فإذا أخذها الموصي من أهله مع فاقتهم ليدفعها إلى البعيد لم يكن ذلك من الإحسان على الأهل، وقد قال تعالى:

{وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: ٩].

° دليل من قال: إن الوصية مكروهة:

[الدليل الأول]

قال تعالى: {إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: ١٨٠] والخير: إنما هو المال الكثير.


(١). صحيح البخاري (١٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>