للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قال: إن الوقف لا يوجب زوال الرقبة عن ملك الواقف، فقد يقال: إن هناك فرقًا بين الصدقة والوقف، فالصدقة تخرج عينًا ومنفعة عن مالك الواقف بخلاف الوقف، وإذا كانت العين الموقوفة باقية على ملك صاحبها في أحد القولين، انتقلت إلى وارثه بعد موته؛ لأن ما يملكه صاحبه يزول ملكه بالموت إلى وارثه، فقول شريح رحمه الله: لا حبس عن فرائض الله لا يتوجه في حال حياة الواقف، لأنه لا حبس حينئذ عن فرائض الله، فالميراث لا يقع إلا بعد تحقق الموت، ولذلك وقف العقار مسجدًا لا يقال فيه: إن مثل هذا حبس عن فرائض الله؛ لأن المسجد لا يبقى على ملك الواقف، وإنما يحمل كلام شريح على أن الوقف ينتهي بموت الواقف، وأن العين الموقوفة تنتقل إلى الورثة؛ لأن العين الموقوفة لم تخرج عن ملك صاحبها، والواقف قد حبس الغلة، وهي متجددة الحدوث، وما حدث منها بعد وفاته لم تحدث على ملكه، وليس في كلام شريح إبطال الوقف في حال الحياة؛ لأنه نفى الحبس في حال وجب الميراث، وهذا لا يكون إلا بعد الموت، ولذلك احتج العيني في عمدة القارئ لأبي حنيفة على إبطال الوقف بأن الملك فيه باق (١)، والله أعلم.

[ويرد على هذا الجواب]

بأن حق الوارث في العين كحق المورث، فإذا كان المورث لا يملك التصرف في العين المحبوسة بيعًا وهبة في أصح القولين، كذلك الوارث لا يملك التصرف فيها وإن انتقلت العين إليه، فليس حق الوارث بأولى من حق المورث في حياته.


(١) عمدة القارئ (٩/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>