للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أبو حنيفة رحمه الله إنما اعتبر الجمع فيما إذا حصل الإنفاق بلفظة الجمع، عملاً بحقيقة اللفظ، وأقل الجمع في باب الوصية والميراث اثنان؛ فإن الثنتين من البنات والأخوات ألحقتا بالثلاث، فصاعدًا في استحقاق الثلثين، وحجب الأم من الثلث إلى السدس على ما مر حتى لو أوصى لذي قرابته استحق الواحد فصاعدا كل الوصية؛ لأن ذي ليس بلفظ جمع ..

وإنما اعتبر القرابة المحرمة للنكاح؛ لأن مقصود الواقف صلة القرابة، فالظاهر أنه يريد به قرابته بفرض وصلها، وإنما اعتبر الأقرب فالأقرب؛ لأن القرابة سبعة من القرب فمن كان أقرب كان أولى يصرف اللفظ إليه.

° وأما الدليل على عدم دخول الوالد والولد في القرابة:

فإن الوالد والولد لا يسميان قرابتين عرفًا وحقيقة أيضًا؛ لأن الأب أصل، والولد فرعه وجزؤه، والقريب من يقرب من غيره لا من نفسه، فلا يتناوله اسم القريب.

وقال الله سبحانه وتعالى {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠] والعطف يقتضي المغايرة في الأصل، ولو كان الوالد منهم لما عطف عليهم، وإذا لم يدخل الوالد والولد، فهل يدخل فيها الجد وولد الولد؟ ذكر في الزيادات أنهما يدخلان، ولم يذكر فيه خلافًا، وذكر الحسن بن زياد عن أبي حنيفة - رحمه الله - أنهما لا يدخلان، وهكذا روي عن أبي يوسف - رحمه الله - وهو الصحيح؛ لأن الجد بمنزلة الأب، وولد الولد بمنزلة الولد، فإذا لم يدخل فيها الوالد، والولد كذا الجد وولد الولد.

وأما كونه يعتبر المحرم عند أبي حنيفة خلافًا لهما، ويعتبر الأقرب، فالأقرب عنده خلافًا لهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>