فوجه قولهما: أن القريب اسم مشتق من معنى، وهو القرب، وقد وجد القرب، فيتناول الرحم المحرم وغيره، والقريب والبعيد، وصار كما لو أوقف لإخوته فإنه يدخل الإخوة الأشقاء، والإخوة لأب، والإخوة لأم؛ لكونه اسمًا مشتقًا من الأخوة كذا هذا.
(ح-١٠٠٢) والدليل عليه ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه «لما نزل قوله تبارك وتعالى {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء: ٢١٤] جمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشًا، فخص وعم، فقال: يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم من الله تبارك وتعالى ضرًا ولا نفعًا يا معشر بني قصي أنقذوا أنفسكم من النار، فإني لا أملك لكم من الله عز شأنه ضرًا، ولا نفعًا، وكذلك قال - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد المطلب، ومعلوم أنه كان فيهم الأقرب والأبعد وذو الرحم المحرم وغير المحرم، فدل أن الاسم يتناول كل قريب إلا أنه لا يمكن العمل بعمومه لتعذر إدخال أولاد سيدنا آدم - صلى الله عليه وسلم - فيه، فتعتبر النسبة إلى أقصى أب في الإسلام؛ لأنه لما ورد الإسلام صارت المعرفة بالإسلام، والشرف به، فصار الجد المسلم هو النسب، فتشرفوا به، فلا يعتبر من كان قبله.
ولأبي حنيفة رحمه الله: أن الوقف لما كان باسم القرابة، فالقرابة المطلقة هي قرابة ذي الرحم المحرم؛ ولأن معنى الاسم يتكامل بها.
وأما في غيرها من الرحم غير المحرم فناقص، فكان الاسم للرحم المحرم لا لغيره؛ لأنه لو كان حقيقة لغيره، فإما أن يعتبر الاسم مشتركًا أو عامًا، ولا سبيل إلى الاشتراك؛ لأن المعنى متجانس، ولا إلى العموم؛ لأن المعنى متفاوت، فتعين أن يكون الاسم لما قلنا حقيقة، ولغيره مجازًا، بخلاف الوقف لإخوته؛