للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثاني

خلاف العلماء في الغبن القادح في الرضا

[م - ١٠٧] إذا وقع الإنسان في الغبن الفاحش، فإن كان العاقد قد دخل على بينة، ولم يقع تحت تغرير الآخر، فليس له الحق في المطالبة في إبطال العقد أو تغييره بحجة الغبن، كما لو اشترى شخص شيئًا أعجبه بثمن يعادل ضعف قيمته من شخص لا يقبل أن يبيعه إلا بهذا الثمن؛ وذلك لأن الغبن قد رضي فيه المشتري، ولم يقع تحت تغرير البائع، والمشتري نفسه هو الذي أغرى البائع بدفع هذا العوض الكبير؛ ليرضى بالبيع مقابل هذا العوض، والبائع لم يفكر في البيع إلا مع كون البيع فيه غبطة كبيرة له؛ ولأن المشتري إذا كان عالمًا بثمن السلعة، وزاد البائع على قيمتها فهو كالواهب لما زاد، وهذا لا يبطل البيع، وقد حكى فيه القرطبي الإجماع على جواز مثل ذلك.

قال القرطبي: «والجمهور على جواز الغبن في التجارة، مثل أن يبيع رجل ياقوتة بدرهم، وهي تساوي مائة ألف، فذلك جائز، وأن المالك الصحيح الملك جائز له أن يبيع ماله الكثير بالتافه اليسير، وهذا ما لا اختلاف فيه بين العلماء إذا عرف قدر ذلك، كما تجوز الهبة لو وهب» (١).

جاء في البحر الرائق: «اختار عماد الدين الرد بالغبن الفاحش إذا لم يعلم به المشتري» قلت: مفهومه أنه إذا علم به المشتري فلا رد إذًا.

ثم قال: «وقال الإمام جمال الدين جدي: إن غره فله الرد، وإلا فلا» (٢).


(١) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٥٢).
(٢) البحر الرائق (٦/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>