للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يعني أن جهالة البدل تبطل مبادلة المال بالمال.

وأما الغرر في الأجل: فإن ذلك يتمثل في الجهالة به، فإن استحقاق العوض مبني على وقوع الخطر، وكلا المتعاقدين لا يستطيعان أن يعلما وقت حدوثه، فقد يقع بعد عقد التأمين مباشرة، وقد يتأخر وقوعه، وقد لا يقع أصلًا. فالأجل الذي به يستحق المستأمن ذلك العوض غير معلوم، هذا إذا كان مؤكد الوقوع، كالتأمين على الوفاة، فما بالك بغيره، فقد يدفع المستأمن قسطًا، أو قسطين، ثم تقع الكارثة، فيستحق العوض، وقد لا تقع الكارثة أصلًا، فيدفع جميع الأقساط، ولا يأخذ شيئًا، وقد يتأخر حدوث الخطر تأخرًا كثيرًا (١).

[مناقشة وجود الغرر الفاحش]

ستتم مناقشة وجود الغرر في عقد التأمين من ثلاثة وجوه:

الأول: هل هناك تسليم بأن عقد التأمين فيه غرر.

الثاني: على التسليم بأن هناك غررًا في العقد، فهل هو غرر كثير مؤثر، أو من قبيل الغرر اليسير.

الثالث: وإذا كان الغرر كثيرًا، فهل تبيحه الحاجة العامة الملحة.

وألتمس من القارئ ألا يستطيل الحديث عن الغرر، فإن هذا الدليل، هو أقوى دليل للمانعين، أو لعله هو الدليل الوحيد الذي يستحق الوقوف عنده، والمناقشة.

[الوجه الأول: عدم التسليم بوجود الغرر في عقد التأمين.]

وذلك أن عقد التأمين يقوم بين طرفين: المستأمن والمؤمن، والسؤال: هل


(١) انظر التأمين الاجتماعي في ضوء الشريعة الإسلامية (ص: ٣٠١)، التأمين بين الحظر والإباحة - محمد الصالح (ص: ١٠٧ - ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>