الغرر الموجود في عقد التأمين هو في حق المستأمن، أو في حق شركة التأمين، أو في كليهما؟
فإن قيل: إن الغرر في جانب المستأمن قلت: إن الغرر في حق المستأمن يجب أن يكون يسيرًا جدًا؛ لأن المبلغ الذي سوف يدفعه، هو مبلغ زهيد جدًا، مقابل إقدامه على المخاطرة بنفس مطمئنة، فلو أخذنا تأمين الرخصة مثالًا، لرأينا أن سائق حافلة يحمل معه يوميًا أربعين طالبًا، أو طالبة، وراتبه بمقدار ألف ريال، ومع كثرة الحوادث على الطرق، سيتحمل مسؤولية عظيمة، فيما لو تعرض له حادث، وتلف مَنْ معه مِن النفوس، فيدفع ريالًا واحدًا يوميًا، ليقدم على القيادة بنفس مطمئنة، ويقبل المغامرة بقبول هذه المهنة بهذا الراتب اليسير، وهذا المبلغ يدفعه المستأمن مقابل مشروب غازي واحد، فإن لم يتعرض للخطر فالحمد لله، فهذا ما كان يرغب فيه، وإن تعرض للخطر كان له من يحمل عنه هذه المبالغ الهائلة.
وإن قيل: إن الغرر في جانب الشركة المؤمنة، فإنه من المعلوم أن شركات التأمين هي من أكثر الشركات ربحًا في السوق، ولو كانت قائمة على الغرر لوجدتها شركات خاسرة، فالشركة تتعاقد مع عدد كبير من المؤمن لهم، وتتقاضى من كل منهم مقابلًا، ومن مجموع ما تتقاضاه من هؤلاء جميعًا، تعوض العدد القليل، الذين تحترق منازلهم، فيفي ما تتقاضاه من المؤمن لهم، بما تدفعه من التعويض لبعضهم؛ لأنها تحسب مقابل التأمين على أساس فني مستمد من قواعد الإحصاء، وحساب الاحتمالات، وقانون الكثرة، فالتأمين إذا نظرنا إليه من الجانب الآخر، وهو العلاقة ما بين الشركة، ومجموع المؤمن لهم، لا يحمل طابع المقامرة، أو الرهان.