للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه قول آخر، ذهب إليه صاحب كنز الدقائق: أن الغش والنقد إذا تساويا فحكمه كغالب الفضة في التبايع والاستقراض، وفي الصرف كغالب الغش (١).

قال الزيلعي في بيان ذلك: «يعني الذي استوى غشه وفضته، أو غشه وذهبه، حكمه في التبايع والاستقراض كحكم الدراهم التي غلب عليها الفضة، حتى لا يجوز البيع بها، ولا إقراضها إلا بالوزن، بمنزلة الدراهم الرديئة؛ لأن الفضة موجودة فيها حقيقة، ولم تصر مغلوبة فيجب اعتبارها بالوزن شرعًا، كالحنطة في سنبلها، إلا أن يشير إليها في المبايعة فيكون بيانًا لقدرها، ووصفها كما لو أشار إلى الدراهم الجيدة، ولا ينتقض العقد بهلاكها قبل التسليم، ويعطيه مثلها؛ لأنها ثمن فلم تتعين. وفي الصرف حكمه كحكم فضة غلب عليها الغش، حتى إذا باعها بجنسها جاز على وجه الاعتبار، ولو باعها بالفضة الخالصة لا يجوز حتى تكون الخالصة أكثر مما فيه من الفضة؛ لأنه لا غلبة لأحدهما على الآخر، فيجب اعتبارهما .. » (٢). هذا ملخص مذهب الحنفية مع أدلته.

[القول الثاني]

أجاز المالكية بالاتفاق بيع النقود المغشوشة بالخالصة إذا كانت تلك النقود رائجة، ويجري التعامل بها (٣).

وإن كان لا يجري التعامل بها، فإن بيعت لمن يغش بها كان البيع ممنوعًا، وإن بيعت لمن لا يغش بها، كما لو كان يكسرها، ويجعلها حليًا أو غيره فاختلفوا في حكم بيعها.


(١) البحر الرائق (٦/ ٢١٨)، تبيين الحقائق (٤/ ١٤١).
(٢) تبيين الحقائق (٤/ ١٤١).
(٣) الخرشي (٥/ ٥٢)، مواهب الجليل (٤/ ٣٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>