للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث

في الغلط في العقد

[تمهيد]

تكلمت في المبحث السابق عن اشتراط الرضا بين المتعاقدين، وتكلمنا عن الإكراه باعتباره منافيًا لشرط الرضا في العقد، ونتكلم في هذا الفصل عن الغلط باعتباره قادحًا آخر، فإذا وقع العاقد في غلط في العقد، بحيث لو علم من وقع فيه ما أقدم على التعاقد، فلا شك أن مثل هذا يخدش في رضا العاقد بالعقد، والذي هو شرط أساسي لانعقاده.

«ولم يجمع فقهاء المسلمين مسائل الغلط في بحث خاص، وإنما انتشرت مسائله في مباحث شتى ذات صلة به، فخيار الوصف، وخيار العيب، وخيار الرؤية بحوث يستقل بعضها عن بعض، ولكنها تتصل بنظرية الغلط» (١).

والغلط قد يقع في المعقود عليه (المحل)، وهو أهم أنواع الغلط، وأكثره شيوعًا، وقد يقع الغلط في قيمة المتعاقد عليه، وقد عالجه الفقه في مبحث الغبن.

وقد يقع الغلط في شخصية العاقد، كما لو كانت شخصية العاقد نفسها محل اعتبار كما في عقد التبرع، والمضاربة، وكالخطاط والرسام للتفاوت بينهما. وقد يقع الغلط في الصيغة، وسوف نناقش في هذه الفصول التالية بعض أحكام الغلط، على أن نرجي بعض الصور إلى مظانها من البحث، وإنما الهدف هنا


(١) التراضي في عقود المبادلات المالية (ص: ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>