المضارب يعمل في المال بجزء من نمائه، والربح وقت العقد معدوم ومجهول، وإذا كان الإجماع قد انعقد على جواز القراض فلا بد أن يكون حكمه مأخوذًا عن توقيف أو اجتهاد يرد إلى أصل، وليس في المضاربة توقيف نص عليها، فلم يبق إلا اجتهاد أدى إلى إلحاق الفرع بأصله، وليس في المضاربة في الشرع أصل ترد إليه إلا المساقاة، وإذا كانت المساقاة أصلًا لفرع مجمع عليه كانت أحق بالإجماع منه، والله أعلم.
[الراجح]
لا شك أن القول بالجواز أقوى دليلًا، وقد أشار البخاري في تراجم صحيحه إلى آثار معلقة عن الصحابة لبيان أن الصحابة لم يختلفوا في جواز المزارعة، والمساقاة مثلها في الحكم أو أولى، وهي آثار علقها جازمًا بها، فتكون صالحة للحجة.
قال البخاري في صحيحه: باب المزارعة بالشطر ونحوه.
وقال قيس بن مسلم، عن أبي جعفر، قال: ما بالمدينة أهل بيت هجرة إلا يزرعون على الثلث والربع.
وزارع علي وسعد بن مالك، وعبد الله بن مسعود، وعمر بن عبد العزيز والقاسم، وعروة، وآل أبي بكر، وآل عمر، وآل علي، وابن سيرين.
وقال عبد الرحمن بن الأسود: كنت أشارك عبد الرحمن بن يزيد في الزرع، وعامل عمر الناس على إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاءوا بالبذر فلهم كذا.
وقال الحسن: لا بأس أن تكون الأرض لأحدهما فينفقان جميعًا، فما خرج فهو بينهما، ورأى ذلك الزهري.