ففي هذه القروض يكون المدين المقترض هو الحكومة نفسها، أو الهيئة، أو المؤسسة الحكومية، أو الشركة الكبرى. وأما الدائن المقرض فجمهور المدخرين من حملة السندات الحكومية ذات الفائدة، وغيرها من السندات، لقد تغير في هذه القروض وضع الدائن من المدين، بل إن هذا الوضع قد انقلب، فأصبح المدين هو الأقوى، وأصبح الدائن هو الضعيف، وأصبح هذا الأخير هو الجدير بالحماية، وليس من المعقول بعد ذلك أن نعتبر المدخر حامل السند ذي الفائدة مرابياً» (١)
[ويناقش هذا]
النصوص الدالة على تحريم الربا مطلقة، وهي تشمل ما إذا كان المقترض غنياً، أو فقيراً، ومن قال: إن تحريم الاقتراض بفائدة، إنما هو خاص في حال كون المقترض فقيراً، أما إذا كان المقترض غنياً فلا حرج عليه في الاقتراض بفائدة، فقد ادعى دعوى ليس عليها برهان، وقيد نصوص الشرع، بما لم يقيده الله، ولا رسوله، ولم ينقل عن عالم من علماء المسلمين أنه أباح للغني القوي أن يقترض بالربا من الفقير الضعيف، وهو خلاف المعقول أيضاً؛ لأنه إذا حرم على الفقير الاقتراض بالربا مع حاجته وضعفه، فإنه من باب أولى أن يكون حراماً على الغني من باب أولى.
كما أن القول: بأن المقترض إذا كان يحدد نسبة الفائدة فلا حرج؛ لأنه لا يمكن أن يظلم نفسه، هذا أيضاً قول مخالف للصواب، فلو رضي المقترض على دفع الفائدة، وكانت مشروطة عليه عند القرض، كان ذلك من الربا المحرم، ولو طابت بها نفسه؛ لأنه لم يعلق تحريم الربا على رضا المتعاقدين.