ألا ترى أن تخليص الرجل من الغرق ليس من الصلاة، ولا من شروطها في شيء. ألا ترى أن من عليه تخليص الغريق لو اشتغل بالصلاة أيضا كان عاصيًا في اشتغاله عن تخليصه وأن أذان الجمعة ليس من نفس البيع، ولا من شرطه، فلم يفسد البيع من أجله وإن كان منهيًا عنه؛ لأن المعنى فيه الاشتغال عن صلاة الجمعة لا البيع؛ لأنه لو لم ينعقد البيع في ذلك الوقت واشتغل بغيره كان النهي قائمًا في اشتغاله بغير الصلاة فعلمت أن النهي إنما تناول الاشتغال عن الجمعة لا البيع نفسه، وكذلك النهي عن تلقي الجلب وبيع حاضر لباد إنما هو لأجل حق الغير، لا لأجل البيع، وكذلك في استيام الرجل على سوم أخيه، أنه منهي عنه ولو عقد البيع على هذا الوجه كان العقد صحيحًا، مع كونه منهيًا عنه لأن النهي عنه إنما تعلق لحق المساوم لا بالعقد نفسه. ونظائر ذلك كثيرة وفيما ذكرنا تنبيه على المعنى في أشباهه فصار ما ذكرنا أصلا في هذه المسائل (١).
[دليل من قال: العقد باطل]
[الدليل الأول]
قال تعالى:{وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩].
[وجه الاستدلال]
أمر الله سبحانه وتعالى بترك البيع، فكأنه قال: لا تبيعوا، والنهي يقتضي فساد المنهي عنه.
[ونوقش]
أنتم لا تمنعون أن هناك أشياء نهى عنها الشارع، وصححها لوجود قرينة، كالنهي عن تلقي الجلب، ومع ذلك أثبت للبائع الخيار إذا أتى السوق، ونهى