«والذي دفع الفقهاء المتقدمين إلى القول بتحريم أخذ العوض على الضمان هو العرف العملي، فالمعاملات كانت بسيطة، وتتم في أسواق محصورة، وبين أناس يعرف بعضهم بعضًا، ولم تتسع المعاملات وتتعقد بالصورة التي عليها اليوم من حيث حجم العمل، ومن حيث المدى الجغرافي بحيث يضطر الإنسان إلى أن يتعامل مع أشخاص ومؤسسات في الداخل والخارج، وهو لا يعرفهم، بل يتم عن طريق المراسلات في كثير من الأحيان»(١).
[ويناقش]
بأن المعترض يرى أن الإجماع قد قام على تحريم أخذ العوض على الضمان خاصة في الضمان إذا كان يؤول إلى القرض، ولم يكن مستند القائلين بالتحريم هو العرف، بل نصوا على أن ذلك يؤدي إلى الوقوع في الربا، نعم بعض التعاليل في التحريم لم تكن قوية، كالتعليل بأن الضمان معروف يقصد به القربة، أو أنه تبرع، ولكن رد بعض هذه التعاليل لا يحمل الباحث على رد كل التعاليل؛ لأن التعليل بالوقوع في الربا ظاهر. ولم يعتمد القائل بالجواز على قول أحد من أهل العلم المتقدمين حتى يمكن النظر فيه، وليست هذه المسألة من النوازل حتى يعتبر خلاف المتأخر، وإنما هي معاملة قديمة قد تكلم فيها الفقهاء، ولا يجوز الخروج عن إجماعهم.
[الدليل الثاني]
القياس على جواز أخذ العوض على الجاه، فإذا جاز أخذ العوض على الجاه جاز أخذ العوض على الضمان، لأن الجاه شقيق الضمان.
(١) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، الدورة الثانية (٢/ ١١٣٩).