للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدليل التاسع]

خيار المجلس ليس له حد معروف، فقد يطول وقد يقصر ولو شرط أحدٌ الخيار مدة مجهولة لبطل إجماعًا، فكيف يثبت عن طريق الشرع حكم لا يجوز اشتراطه بالعقد، وأيضًا فإن القول بخيار المجلس يعتبر من الغرر؛ لأن كليهما لا يدري ما يحصل له من الثمن والمثمن (١).

[ويناقش]

لو سلمنا أن القول بخيار المجلس يؤدي إلى الوقوع في الغرر، فالغرر ليس كله حرامًا، بل منه ما هو جائز بالإجماع كالغرر اليسير والغرر التابع ولو كان كثيرًا، ومنه ما هو محرم بالإجماع كالغرر الكثير غير التابع مما لا يحتاج إليه، ومنه ما هو محل خلاف بين العلماء هل يلحق بالكثير أو بالقليل، وقد دلت الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها على اعتبار خيار المجلس، فدل على أن الغرر فيه مغتفر لكونه يسيرًا، ولوجود مصلحة كبرى لكل واحد من المتعاقدين بحيث يتروى، ويقلب النظر في العقد، وألا يكون قد استعجل في القبول، ومدة الخيار يسيرة معروفة عرفًا مدة اتحاد مجلسهما، فإذا أمضى كل من المتعاقدين البيع أصبح كل منهما على بصيرة ومعرفة، والله أعلم.

والمالكية صححوا البيع إذا علقه على مشورة شخص قريب، ولا يفسدون العقد بمجرد جهل زمن الخيار، فزمن المجلس مثله يعتبر زمنًا قصيرًا عرفًا، بل هو أقصر من زمن المشورة (٢).

وأما القول بأن كل واحد من المتبايعين لا يدري ما يحصل له من الثمن


(١) انظر الموافقات (٣/ ٢١).
(٢) انظر حاشية العدوي (٢/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>