للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق (١).

وفي رواية: من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة شرط (٢).

فهذه الأخبار براهين قاطعة في إبطال كل عهد، وكل عقد، وكل وعد، وكل شرط ليس في كتاب الله الأمر به، أو النص على إباحة عقده؛ لأن العقود والعهود والأوعاد شروط، واسم الشرط يقع على جميع ذلك (٣).

[ويجاب عن ذلك من وجوه]

الأول: أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: (كل شرط ليس في كتاب الله) المقصود بالشرط هنا: هو المشروط، كما يقال: درهم ضرب الأمير: أي مضروب الأمير، ومعناه: من اشترط شيئًا لم يبحه الله، أو من اشترط ما ينافي كتاب الله لقوله: (كتاب الله أحق، وشرط الله أوثق) أي كتاب الله أحق من هذا الشرط، وشرط الله أوثق منه، وهذا إنما يكون إذا خالف ذلك الشرط كتاب الله وشرطه، بأن يكون المشروط مما حرمه الله تعالى، وأما إذا لم يكن الشرط مما حرمه الله فلم يخالف كتاب الله وشرطه، حتى يقال: كتاب الله أحق، وشرطه أوثق.

[الوجه الثاني]

أن المقصود بقوله: (ليس في كتاب الله) أي في حكم الله، بدليل أن الحكم بالولاء لمن أعتق ليس منصوصًا عليه في كتاب الله، وإنما هو مما جاءت به السنة،


(١) صحيح البخاري (٢١٦٨)، ومسلم (١٥٠٤).
(٢) صحيح البخاري (٤٥٦)، مسلم (١٥٠٤).
(٣) الإحكام لابن حزم (٢/ ٥٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>