للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه المعروف من غير ظلم منهم، وقد ارتفع السعر، إما لقلة الشيء، وإما لكثرة الخلق فهذا إلى الله، فإلزام الناس أن يبيعوا بقيمة بعينها إكراه بغير حق (١).

[الدليل الثالث]

قال بعض الفقهاء: «التسعير سبب الغلاء؛ لأن الجالبين إذا بلغهم ذلك لم يقدموا بسلعهم بلدًا يكرهون على بيعها فيه بغير ما يريدون، ومن عنده البضاعة يمتنع من بيعها، ويكتمها، ويطلبها أهل الحاجة إليها، فلا يجدونها إلا قليلًا، فيرفعون في ثمنها ليصلوا إليها، فتغلو الأسعار، ويحصل الضرر بالجانبين، جانب الملاك في منعهم من بيع أملاكهم، وجانب المشتري في منعه من الوصول إلى غرضه (٢).

[ويناقش]

بأن التسعير يكون سببًا للغلاء إذا كان في التسعير ظلم للباعة، وأما إذا كان بربح معقول يراعى فيه مصلحة البائع ومصلحة المشتري، كما سيأتي بيانه عند الكلام على كيفية التسعير وصفته، ويُقدَّر له ربح معقول يكفي مثله، فهو لا يمنع الجالب الطالب للرزق الحلال من البيع في السوق، وإنما يردع التاجر الجشع الذي لا يشبعه شيء، فهذا السوق ليس بحاجة إليه، وتضرر السوق منه أكثر من نفعه.

[دليل من قال بجواز التسعير]

[الدليل الأول]

(ح-٢٦٩) ما رواه مسلم من طريق ابن عيينة، عن عمرو، عن سالم بن عبد الله،

عن ابن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من أعتق عبدًا بينه وبين آخر،


(١) انظر الطرق الحكمية (ص: ٣٥٥).
(٢) المغني (٤/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>