معلومًا فوق الثمن الذي دفعه البائع، ومع كل هذا فإن العرف التجاري اليوم، أن المنتج إذا باع بضاعته على الباعة أعطاهم إياها بسعر الجملة، وإذا باع على الأفراد كان لها سعر آخر، وهو سعر الاستهلاك، فلو رجع المستهلك إلى المصدر وجد تطابقًا بالسعر بين البائع والمنتج أو الموزع، وهذا عرف يحترمه التجار بينهم، لينتفع أهل السوق من جهة، ويكون سعر البضاعة موحدًا من جهة أخرى.
[دليل من قال: يصح بلفظ البيع، ولا يصح بلفظ السلم.]
ربما استدل صاحب هذا القول بأن الألفاظ لها دور كبير في توصيف المعاملة من الإباحة إلى التحريم، فمن دفع درهمًا، وأخذ درهمًا بدلًا عنه: إن كان ذلك بلفظ البيع اشترط التقابض في مجلس العقد، وإن كان بلفظ القرض جاز التأجيل، والذي فرق بينهما هو اللفظ، فالسلم اسمه ومعناه: أن يسلم الثمن، ويتأخر المثمن، فهو أخص من البيع، فإذا جرت المعاوضة بدفع الثمن، وكان المثمن حالًا لم يصدق عليه أنه من باب السلَم، وصدق عليه أنه بيع، فنشترط أن يكون بلفظ البيع، ولا يكون بلفظ السلم.
فيقال: فرق بين عقد القرض، وعقد المعاوضة، فعقد القرض من عقود الإرفاق والإحسان، لم يقصد به الربح، بخلاف عقود المعاوضات، والسلم والبيع من عقود المعاوضات، فما يشترط في البيع يشترط في السلم، من العلم في المبيع والعلم بالثمن، وانتفاء الجهالة والغرر ... الخ شروط البيع، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن العبرة في ألفاظ العقود بمعانيها لا بألفاظها وقد قدمت فصلًا مستقلًا بأنه: إذا تعارض اللفظ والمعنى، قدم المعنى على الصحيح من أقوال أهل العلم، وقد انتقد ابن تيمية من فرق بين السلم الحال بلفظ البيع وبين السلم الحال بلفظ السلم، فقال: «مستند هذا الفرق ليس مأخذًا شرعيًا،